Admin Admin
عدد المساهمات : 93 نقاط التميز : 6159 السٌّمعَة : 9 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 33
| موضوع: الشعر العربي الحديث ما بين المطرقة والسندان الجمعة مارس 05, 2010 10:51 am | |
| بدأ الشعر الحر، أو ما يسمى الشعر الحديث، أو شعر التفعيلة، في العراق سنة 1947 وأول قصيدة كتبت كانت للشاعرة العراقية نازك الملائكة، ثم تلاها الشاعر بدر شاكر السياب . وفي عام 1949 أصدرت نازك الملائكة ديوانها ( شظايا ورماد ) وضمنته بعض من القصائد الحرة . وفي عام 1950 أصدر الشاعر عبد الوهاب ألبياتي ( ملائكة وشياطين ) وفيه قصائد حرة الوزن، وفي نفس السنة صدر ديوان ( أساطير ) لبدر شاكر السياب . وتتالت بعد ذلك الدواوين في الوطن العربي . وتعتبر نازك الملائكة أول من تكلم في الشعر الحر ووضعت له ضوابط وأسس، وتعتبر مؤسسته بقصيدتها " الكوليرا". وهذا الشعر المتحرر من الوزن الواحد والقافية الواحدة،ولا يلتزم بهما، ولكنه يجعل "التفعيلة"- لا االبحر- أساس الوزن."و تقول كذلك حول تعريف الشعر الحر " (هو شعر ذو شطر واحد ليس له طول ثابت وإنما يصح أن يتغير عدد التفعيلات من شطر إلى شطر ويكون هذا التغيير وفق قانون عروضي يتحكم فيه (ثم تتابع نازك قائلة " فأساس الوزن في الشعر الحر أنه يقوم على وحدة التفعيلة والمعنى البسيط الواضح لهذا الحكم. أن الحرية في تنويع عدد التفعيلات أو أطوال الأشطر تشترط بدءا أن تكون التفعيلات في الأسطر متشابهة تمام التشابه ، فينظم الشاعر من البحر ذي التفعيلة الواحدة المكررة أشطراً تجري على هذا النسق:
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
فاعلاتن فاعلاتن
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
فاعلاتن
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
فاعلاتن فاعلاتن
ويمضي على هذا النسق حرا في اختيار عدد التفعيلات في الشطر الواحد غير خارج على القانون العروضي لبحر الرمل. جاريا على السنن الشعرية التي أطاعها الشاعر العربي منذ الجاهلية حتى يومنا هذا ". كما قيل أنه بدأ في مصر عام 1932 . شعر التفعيلة هو نتاج التقاء حضاري بين شعراء الشرق والغرب . فهو دخيل على الثقافة العربية وقد حاول بعض الكتاب إيجاد أصول له في التراث العربي لكن دعواهم كانت ضعيفة .
*الرفض في الشعر الحديث:
إذا كان لا بد من كلمة تقال في شعر التفعيلة أو الشعر الحديث كما يحلو للبعض تسميته أو تلخص مساره ومضمونه، فلن تكون تلك الكلمة غير كلمة" الرفض"، إنه شعر بدأ مشواره الإبداعي بالتمرد على عمود الشعر الكلاسيكي، و حاول بعض الشعراء المحدثين التجديد في الشعر بالابتعاد عن التقليد والتكلف اللغوي بانتقاء اللفظ البراق المتوهج، والحرص على الصدق الفني، والتأكيد على التجربة الوجدانية. وأخذ مسلك في الشعر فريد من نوعه لا يكتفي من التجديد ، بل يرفض عمود الشعر والتمرد على القافية لأنها تخنق روح الإبداع وتؤكد تبعية الشاعر للغة عوضا عن الإصرار على روح التقليد و رتابة الماضي والنمطيه. وهكذا فالشعر الحديث بدأ رفضه بالثورة على القالب الشعري زاعما أن القالب التقليدي لا ينسجم مع روح العصر و لا يلبي الاحتياجات الفكرية و الجمالية المستجدة خاصة و عصرنا هو عصر العلم والديمقراطية والحرية الإنسانية – حرية الفكر و المعتقد – ولعل أكبر الرافضين في الشعر الحديث " أدونيس"الذي عرف بكتاباته المليئة بالأفكار المخالفة والمشاكسة. ووصل بشعره إلى أفق من الرفض والغموض الفني واللغة المزدحمة بالموحيات الغريبة أكثر من الإعلان الصريح، فهو الشاعر العربي المعاصر الوحيد الذي أثار شعره كثيراً من الخلاف حتى أن بعض النقاد طرده من جنة الشعر العربي أصلاً. وبدا رفضه إنساني يشمل قيم الوجود وواقع الأمة في ماضيها و حاضرها وتجليات هذا الواقع في السياسة والفكر والدين والعلاقات الاجتماعية . و يقول أدونيس في: "ليس لك اختيار" ماذا،إذا تهدم وجه الأرض ترسم وجها آخر سواه, ماذا إذا ليس لك اختيار غير طريق النار غير جحيم الرفض- حين تكون الأرض مقصلة خرساء أو أله * أزمة الشعر الحديث: انتقد الشاعر محمود درويش وضع الشعر العربي الحديث وقال عنه أنه "باتت تميزه النمطية على الرغم من أن هذا الشعر في حد ذاته يمثل ثورة على النمطية في الشعر العربي." وأضاف إن "الشعر العربي الحديث مصاب بالتكرار والتشابه حتى نظن أحيانا أن المؤلف واحد". وأشار إن "هذه الظاهرة موجودة وقائمة بالفعل لكنها تعبر عن أزمة شعراء وليس عن أزمة حركة شعرية". *الغموض في الشعر الحديث:
"شـعراء هذا اليوم جنس ثالث،فالقول فوضى، والكلام ضباب"(نزار قباني)
أما الأديب والشاعر "شوقي بغدادي" فيقول عن سبب الغموض في الشعر: "يعود الغموض إلى عوامل عدة: أهمها الاغتراب والاستلاب والقطيعة بين البشر في المجتمعات الحديثة، حيث يزدحم الناس دون أن تنشأ بين الأفراد علاقات إنسانية حميمة، وحيث تغدو الصداقة مطلباً عزيز المنال، ونرى الأدب عامة يتحدث عن وحدة الإنسان بالمجتمعات الحديثة، هذه العوامل التي زادت من غربة الشاعر في مجتمعه وشعوره بالعزلة، وأنه غير مسموع، وغير مرغوب فيه دائماً،مما دفعه إلى الانطواء على ذاته أكثر فأكثر، حتى غدت كتاباته منولوجات خاصة جداً، وغامضة جداَ، أشبه ما تكون بالهلوسة والهذيان التي تتوالى على مخيلة إنسان وحيد وهو مستسلم لأحلام اليقظة يائس من التواصل مع أخوته البشر، هذه العوامل الأخيرة زادت من صعوبة فهم الشعر الحديث والتواصل معه، وصارت الشكوى منه تزداد أكثر فأكثر، حتى صار يتهم بأنه يتحول إلى ألغاز خاصة بالشاعر وحده، وكان طبيعياً جداً عندئذ أن تزداد القطيعة بين الجماهير الواسعة وبين الشعر الحديث إلا أقله طبعاً" وحيث سئل الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور ذات يوم : هل تقرأ لجيل الشباب؟ فأجاب: "نعم بكل تأكيد, ولكنني في بعض الأحيان أجد صعوبة في فهم ما يرمي إليه الشاعر وقد قرأت في إحدى المرات قصيدة لشاعر شاب فلم أفهمها ومعروف عني أنني أقرأ القصيدة لمرة واحدة فأردد غيباً أغلب أبياتها. ولكن الذي حصل هذه المرة أنني لم أفهمها، فأعدت قراءتها مرة أخرى لا بل مرات أخرى .ولم أفهمها أيضاً فأدركت في النهاية أن العيب ليس فيّ أو في ذاكرتي، ولكن العيب هو في كاتب هذه الكلمات المبهمة والمستعصية على الفهم "... وقد أطلق عليم اسم "شعراء الأحاجي والألغاز" .
فلماذا كتابة ألأدب الذي يستعصى على الفهم؟ بالمقابل أقرأ قصيدة للمتنبي– فأحفظها وأحللها وأركبّها وأفهمها بكل جملها وتفاصيلها. وأفهم أدب نزار قباني وأتذوقه وأرتشفه وأحفظه غيبا وهو شاعر قدير كتب شعرا سلسا سهلا متوهجا، يتذوقه حتى أنصاف المثقفون، وجميع شرائح المجتمع. .كقوله في قصيدة"هوامش على دفتر النكسة" " يا وطني الحزين حولتني بلحظة من شاعر يكتب شعر الحب والحنين لشاعر يكتب بالسكين.. 4 لأن ما نحسه أكبر من أوراقنا.. لابد أن نخجل من أشعارنا 5 إذا خسرنا الحرب، لا غرابة لأننا ندخلها بكل ما يملكه الشرقي من مواهب الخطابة بالعنتريات التي ما قتلت ذبابه لأننا ندخلها بمنطق الطبلة والربابة.. 6 السر في مأساتنا صراخنا أضخم من أصواتنا وسيفنا.. أطول من قاماتنا.."
إن ظاهرة الغموض في الشعر الحديث واحدة من أعقد الظواهر التي تواجه القارئ في أثناء قراءته لقصيدة أو خاطرة شعرية أو أي نوع آخر من أنواع الأدب المتعارف على تصنيفه في أيامنا هذه . فالغموض يزيد الشعر لونا ورونقا جميلا ، وهو من طبيعته ومن طبيعة الفن نفسه. ومن حق الشاعر أن يحلق في سماء المعاني، لكن ليس من حقه أن يسرف في تداعي الصور المبهمة المستعصية تماماً على الفهم، إلى الحد الذي تصبح فيه القصيدة فاقدة وحدتها العضوية أو خالية من كل معنى. فالغموض له حدود فنية إن تجاوزها تحولت معه تلك الكتابات إلى كتابات (مشفرة). وكما يقولون: كل شيء زاد عن حده نقص!!!
| |
|